حرية الاختيار وتأثيرها على شخصية الطفل
حرية الاختيار وتأثيرها على شخصية الطفل
يولد الإنسان حراً مليئاً بالطموحات والأحلام بدايتاً من الطفولة وأحلامها البسيطة إلى مراحله الأخرى وأحلامه العظيمة، فما أجمل هذه الأحلام والطموحات عندما يختارها الإنسان ثم تصبح ذات قيمة ولذة مختلفة
فمنذ مرحلة الطفولة تجتاح رغبة الاختيار الطفل والعمل الحر لدى الطفل، وهذا ما يجهله بعض الأباء والأمهات سيراً على مبدأ ” أنا أعلم بمصلحة طفلي “، فلا تُترك لهم حرية الاختيار ولو على ابسط الأمور، وهذا بسبب جهلهم بثقافة الاختيار التي جاءت منذ فجر الإسلام، فحتى في الدين لا يُكره الإنسان لقوله: جل وعلا
(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)
سورة البقرة، ٢٥٦
العمل الحر يمنح الامان النفسي للطفل
عمل حر واحد تمنحهُ للطفل وان صغُر يمنح الطفل امان نفسي كبير يؤثر على شخصيته بالايجاب
خولة سلامة، صحفية مهتمة بشؤون وقضايا الاطفال
الانسان بطبعه لا يحب أن تُفرض عليه خيارات الآخرين وأوامرهم، لذلك يميل الأطفال إلى العناد احياناً ورفض اختيارات والديهم، وهذه الصفة التي يظُنها البعض سيئة إلى حدٍ ما قد تكون السبب الأول في تحسين حياة الطفل مستقبلاً وبالتالي في تحقيق ذاته وكيانه
فالطفل عندما تترك له مساحة ذات حدود واضحة لاختيار عمل حر يستهويه، يشعر بأنه صاحب رأي وقرار وأهمية لدى أسرته كما يشعر بإيمانهم به، مما ينعكس على ذاته فيصبح لديه حباً لها وثقة بالنفس وشجاعة على إبداء رأيه، وكل هذه الأمور ستؤهله بأن يكون قادراً على اتخاذ قرارات صحيحة منذ الصغر، الأمر الذي سينعكس على جميع مراحل حياته بسبب الأمان النفسي الذي منحته إياه هذه الحريه المُقننة والتي لها ضوابط وان خفيت علي الطفل
عواقب فرض الاختيارات على الأطفال
بينما فرض الوالدين على أطفالهم اختيارات لا يرغبون بها، قد تنتج طفلاً ضعيف الشخصية يشعر بالسيطرة الدائمة عليه والتي قد تؤدي مستقبلاً به إلى عواقب كارثية، كأن يصبح تابعاً للاخرين يفعل مايُملى عليه طواعيه دون المقدرة على الرفض، أو قد يصبح غير قادراً على تحقيق أحلامه واختيارها دون مساعدة من الغير، أو قد لا يستطيع اكمال الطريق الذي ترسمه أسرته له لأنه مخالفاً لاهتمامته، وقد يصِل الأمر به إلى الخجل والانطواء بسبب حرمانه من تحقيق ما يرغب
وهكذا يُمس الحق الفردي للإنسان وهو حق الاختيار في ابسط الأمور او قد يكن في الحقوق، فالطفل أحق من والديه في اختيار ما يريد ان يدرُس، فعلى سبيل المثال نجد الكثير من الأمهات ترفض اختيارات طفلها لتخصص او اهتمام لأنه لا يتوافق مع ذوق الآخرين، دون التفكير بمشاعر الطفل، غير مُدركة بأن إرضاء الناس غاية لا تُدرك وأن سعادة طفلها ومراعاة مشاعره أهم من ذلك بكثير
التوجيه السليم
والمقصود هنا ليست الحرية المطلقة بل الحرية بحدود مع ما يتوافق مع مرحلته العمريه ومصلحته، أما إذا كانت رغبة الطفل غير مناسبة له أو قد تصيبه بضرر فيمكن توجيهه إلى السلوك السليم وتبرير رفض اختياراته بطريقة سليمة وتوضيح السبب والاضرار للطفل دون استخدام اساليب التوبيخ والنهر التي ستقلل من قيمته تجاه ذاته ورأيه
فلا أحد يدرك حاجات الطفل وكيفية إشباعها أكثر منه، لذلك أعطوا ابناءكم مساحتهم بالاختيار واصنعوا لهم مساحة عمل حر وان صغُر وساعدوهم على ذلك، وستُجنى ثِمار هذه الحرية مستقبلاً أمام مرائي أعينكم، فغاية الإنسان من الحياة هي أن يصبح هو ما يريد لا ما يريد الآخرين له ان يصبح.
خولة سلامة– صحفية مهتمة بقضايا الطفولة المبكرة