المدونة

لا تقارن طفلك بالآخرين

لا تقارن طفلك

لا تقارن طفلك بالآخرين

خلقنا الله تعالى مختلفين، لكُلٍ منا ما يميزه عن الآخر، متفاوتين في كل شيء؛ عقولنا و ألواننا وإدراكنا وأشكالنا، هذا الاختلاف هو السمة الأولى والأهم للبشرية وسنة الله في كونه لحفظ التوازن ولنُكمل بعضنا البعض في تى مجالات الحياة ولأسباب لا نعلمُها. لولا هذا الاختلاف لكنا نسخ مستنسخة، و لا فائدة من وجودنا، حيث تعتبر ثقافة الاختلاف ظاهرة صحية و أمر فطري يقوي العقول ويوسع آفاقها ومداركها، يقول جل وعلا

“يا ايُها ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَى وَجَعَلْنَكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”

سورة الحجرات آية ١٣

.بناء على ذلك، لفظ الاختلاف بمعناه العام يدل على التضاد والتعارض، فيستحيل أن يتشابه انسانان ببعضهم في جميع الأمور، ونحن في أمس الحاجة لإدراك هذه الثقافة وتفعيلها وتطبيقها وجعلها واقعاً فعلياً وخاصة عند بعض الآباء والأمهات الذين لا يعترفون بها. 

الفروقات الفردية عند الطفل

يقوم العديد من الآباء والأمهات  بأسلوب تربوي خاطئ يعتمد على مقارنة الطفل بالآخرين؛ اعتقاداً منهم بتحسينه وتحفيزه، بينما الحقيقة عكس ذلك فالطفل يرفض هذا الأسلوب ويكره أن يلتزم بنموذج يقتدي به وخاصة في هذه المرحلة، وعلى الرغم من ذلك، نرى الكثير من المُربين يمارسون هذا الأسلوب على الطفل،  ويقارنون مستواه الدراسي وتصرفاته وشكله وطريقة حديثه ولعبه ومواهبه ونشاطه بأقرانه سواءً  أخوته أو اصدقائه أو أحد الاقرباء، مُتناسيين بأن قدرات الاطفال متفاوتة و درجة اختلاف ذكاءهم متباينة ومواهبهم متعددة وأشكالهم الجميلة مختلفة وهي من صنع الرحمن جميعًا لا علاقة لهم بها، كما يتمتع كل منهم بجانب ايجابي يختلف عن الآخرين ويتفوق به عليهم، والنعم موزعه بيننهم بتساوي مختلف

 وهذه الفروق الفردية التي تُعرف في علم النفس على أنها تلك الصفات التي يتميز بها كل انسان عن غيره سواء كانت تلك الصفة جسمية ام في سلوكه الاجتماعي، كما الاختلاف بين فرد وآخر في قدرات معينه كالفرق في القدرات العقلية او النفسية او الجسمية، والتي قد تكون لأسباب عديدة وأهمها الوراثة  والبيئة

الآثار المترتبة على أسلوب المقارنة

كما يعتبر أسلوب مقارنة الأطفال ببعضهم من أكثر الأساليب ضرراً وتأثيراً على الأطفال وهادم لشخصياتهم وخاصة إذا كان مصدرها الأسرة التي من المفترض أن تكون المصدر الأول للأمان والدعم للطفل، وهذا الضرر يولد لدى الطفل مشاعر وسلوكيات مؤذيه له وللآخرين نفسياً، فيصبح انسان غاضب بداخله مشاعر كره وحقد  تجاه من حوله

علاوة على ذلك، سيشعر بنقص وكره للذات، كما سيصبح لديه عقد نفسية، وشخصية مهزوزة تتقبل الإهانة من الجميع وترضى بالقليل وذلك بسبب الشعور الدائم بالدونية  وأنه لا يستحق ما هو أفضل، بل قد يصل الأمر به إلى اللامبالاة ورفض تأدية مهامه ودراسته والتخلي عن مواهبه وطموحاته التي مُنحت له، لأنه يرى أن ما يقوم به لا فائدة منه ولن يعجب والديه بتاتاً.

قد يصاب الطفل باكتئاب وعزلة تستمر معه حتى مرحلة الشباب، فعلى سبيل المثال: هناك أحد الشبان الذي تم مقارنته بشكل دائم مع ابن عمه وهو نموذج ناجح ويدرس في الجامعة بمعدل عال، واستمر والده على مقارنته فيه حتى وجد ابنه منتحراً وتاركاً بقربه رسالة تبين أنه انتحر بسبب هذه المقارنة التي كانت على مدى سنين عمر هذا الشاب تشكل له عبئاً وضغطاً نفسياً كبيراً جداً. نعم لهذا الحد قد تؤثر المقارنة بالآخرين سلبًا على طفلك. كررت كثير من مدارس التربية عدم فعالية استخدام أسلوب المقارنة مع الطفل و ايضًا مدرسة المنتسوري رفضت هذا الأسلوب في التربية

 كذلك، قد تنتج مقارنة الأطفال ببعضهم، مشاعر سلبيه لدى الطفل تجاه والديه وتتسبب بابتعاده عنهم، فالأطفال لا يدركون أن هذه المقارنة لتحفيزهم وتشجيعهم، بل يعتقدون أنهم غير كافيين وأنهم مصدر حرج لوالديهم، كذلك تُشعرهم المقارنة بأن حب والديهم لهم مشروط بكونهم كالآخرين

الأساليب التربوية السليمة 

في النهاية، على الآباء والأمهات الابتعاد عن أسلوب المقارنة تماماً، وعدم تحميل الطفل مالا يطيق، حمايةً للطفل ورحمتاً به. واستبداله بأساليب أكثر سلاماً على صحته النفسية كأسلوب التعزيز الذي يعتمد على مدح السلوكيات الإيجابية للطفل والتركيز عليها وتحفيزها وتنميتها.

يجب محاولة تغير السلوكيات الخاطئة دون ضغط ومقارنة، بالإضافة إلى دعم مواهب الطفل التي يتمتع بها ومحاولة تحسين مستواه الدراسي بما يتناسب مع عقليته وامكانياته، وتقدير ما منحه الله له من نعم دون مد النظر لما يتمتع به غيره، وهذه عين العدل وقمة الإنصاف. 

فما اجمل المقارنة حين تكون مع الذات وبالمقارنة عن اداءنا كل يوم او كل عام و ما اسوءها حين تكون مع الآخر، فقد تولد الكثير من الشحناء والكره. بالإضافة، الى انها أسلوب جارح لا يحتمله الكبير مِنا فكيف لهذه المخلوقات الضعيفة ان تحتمله 

للفائدة يمكن الاطلاع على الفيديو التالي

خولة سلامة

صحفية مهتمة بقضايا الطفولة المبكرة

 

المصادر

http://kenanaonline.com/users/Education-Learning/posts/154376

https://alrai.com/article/10432307/

اترك تعليقاً