ادارة المال للاطفال

في زمن ازدادت به متطلبات الحياة وإلتزاماتها، أصبحت عملية إدارة المال ضرورة للمحافظة عليه وزيادته، فالمال أساس الحياة  لا غنى عنه، لذا يحتاج إلى نظام وإسلوب إداري وفن اتخاذ القرارات بالإضافة إلى التخطيط السليم، حتى يستطيع الإنسان الموازنة بين احتياجاته ورغباته ويتجنب الوقوع بالإسراف والتبذير فالله جل جلاله يقول ( وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرً) الإسراء:٢٦

في البداية نعلم جميعاً أن الأطفال بطبعهم يميلون إلى الانفاق وحب الشراء والتملك ومحاولة تقليد الآخرين والانجراف خلف الإعلانات؛ فنحن في زمن التكنولوجيا، الأمر الذي أدى إلى الدلال والترف، علاوة على ذلك الوصول لمرحلة التبذير والإسراف، خاصةً في الأسر التي تميل إلى تلبية رغبات أطفالها كي يشعروا بالمتعة والرفاهية، مما يجعلهم لا يدركون شيئاً حول إدارة المال
بناء على ذلك تعتبر عملية إدارة المال وتنمية الوعي المالي مسؤولية أسرية بحته، حيث يبدأ الطفل بإكتسابها وإدراكها من الطريقة التي يتعامل بها الوالدين مع المال تجاهه، لذلك نجد أن الأسر متوسطة الحال يُدرك ابنائها قيمة المال لأنهم يحصلون على احتياجاتهم .لا رغباتهم، بينما بعض ابناء الأسر التي تمتلك المال بوفرة قد لا يدركون هذه القيمة

كما تعتقد بعض الأسر أن الوقت مازال مبكراً ليدرك الأطفال قيمة المال وكيفية التعامل معه، وهذا من الأخطاء التربوية التي يقع بها الكثير ، فالخبراء يوصون بأن يبدأ الآباء الحديث عن المال في مرحلة الطفولة حتى تتشكل المفاهيم الأساسية حوله وتترسخ في أذهانهم.

ثمار تعليم الطفل لإدارة المال 

 تعد عملية إدارة المال مهارة لا يمكن اكتسابها دون ممارسة وتدريب، لذا ينبغي تنميتها منذ الصغر لخلق علاقة سليمة بين الطفل والمال وتعزيز الوعي المالي الذي يُعرف بامتلاك المعرفة والمهارات التي تمكنه من التعامل السليم والصحيح مع المال وهي وصف لمستوى فهمه في إدارة أمواله، كما تعد عملية إدارة المال بالنسبة للطفل، استثمار لمستقبله، حتى يتمكن من بناء ذاته والاعتماد عليها.

إن تعليم الأطفال إدارة المال وقيمته، من أثمن مايُقدم لهم، فأنت بهذه المعرفة تؤهلهم لمستقبل واعي متوازن في الإنفاق والادخار يُعلمهم الاستغناء عن سؤال الناس، كما يستطيع الطفل مستقبلاً التفرقة بين حاجاته ورغباته، بالإضافة إلى تحوله من مستهلك فقط إلى مُنتج، واثق من نفسه، قادر على تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات، فكلما بدأ الأمر مبكراً كان تشكيل السلوك والمداومة عليه أسهل وأعمق أثراً.

كيفية بناء الوعي المالي وإدارة المال عند الأطفال 

التمييز بين الرغبات والاحتياجات: فمن المهم أن يتعلم الطفل الاحتياجات الأساسية كالطعام والملابس والتعليم، بينما الرغبات هي الأشياء التي تجلب المتعة كالألعاب والهدايا، فيتعلم الأمور التي تستحق الإنفاق أولاً.

تخصيص مصروف شهري للطفل: الأمر الذي يُشعره بالاستقلالية، فيتعلم كم يُنفق وكم يدخر، خاصةً إذا كان يخطط لشراء شيءٍ ما. 

الحديث مع الطفل حول المال: بترسيخ مبدأ أن المال نعمة من الله يجب شكره عليها ، بالإضافة إلى استخدامها بشكل صحيح والإستمتاع بها بما يرضي الله، دون إسراف حتى لا تُسلب منا .

كُن قدوة يُحتذى بها عند استخدامك للمال: على سبيل المثال عندما يرى الطفل والديه ينفقون أموالهم على الكماليات، سيقوم بتبني هذه العادات وتطبيقها. 

دع طفلك يكسب المال بنفسه: عن طريق العديد من الطرق كبيع الحلويّات داخل المنزل فيما بين الأسرة، بالإضافة إلى إعطاءهم المال على بعض الأعمال غير الروتينية، ليعلم الطفل أن المال يُكتسب لا يأتي من فراغ. 

تخصيص صندوق للادخار: إذا كان الطفل يمتلك هدفاً لشراء شيء معين، يجب تشجيعه على الادخار ولو بجزء بسيط من مصروفه، ومساعدته في بعض المال ليتمكن من شراء ما يريد، هكذا يتعلم الطفل فن الادخار والصبر على حصوله لِما يريد.

عند حصول الطفل على عيدية أو مكافأة، أربط جزء منها بهدف مستقبلي يرغب بتحقيقه، حتى يتكون لديه معرفة قيمة المال، التدبير والاستهلاك بوعي.

اجعل عملية التعليم عن المال مسلية: عن طريق الألعاب التي تتضمن البيع والشراء سواء عبر الإنترنت أو الألعاب المنزلية، فالتعليم بأسلوب اللعب يعد الأفضل والأكثر تأثيراً.

اشرِك طفلك بالتخطيط لميزانية المنزل:حتى يُدرك قيمة ما يحصل عليه داخل المنزل، من ناحية أخرى يتشكل لديه وعي مالي تجاه الأمور المنزلية.

لاتشتري لطفلك مايفوق ميزانيتك: عند طلب الطفل أمور تفوق ميزانية الأسرة، أرفض بطريقة غير مؤثرة، أشرح للطفل أن المال المخصص للاحتياجات أهم بكثير من الأمور الغير ضرورية، قم بشراء بديل أرخص للطفل يتناسب مع ميزانيتك ولا يشكل ضرر على الطفل.

علم طفلك التبرع والعطاء: من خلال تقديم الهدايا والصدقة، على الأطفال المحتاجين، الأمر الذي يُشكل جزء من عقلية الطفل على الواقع المالي، عند رؤيته لمن هم أكثر حاجه منه، فيكون التبرع أكثر من درس مالي، يعلمه المسؤولية الاجتماعية، كما يرسخ قيم التعاطف، المشاركة، الإحساس بالآخرين لديه. 

ولاشك أن البدايات دائما ما تكون صعبة بعض الشيء، خاصة في تعليم الأطفال، إلا أن عملية إدارة المال من أسهل مايُمكن تعليمه لهم، كما تعتبر من أهم المهارات الحياتية التي أصبح من الضروري اكتسابها في وقتنا الحالي لتأمين مستقبلٍ أفضل يستطيعون فيه بناء أنفسهم، والاعتماد عليها، فلا قيمة للمال الذي يُجنى، ثم يضيع نتيجة لقرارات شراء او تبذير خاطئة دون وعي .

كيف نعلم أطفالنا إدارة المال؟ ومن أي عمر يصح ذلك؟  

شاهد الفيديو هنا